الشيخ الحجاري
عدد المساهمات : 534 نقاط : 1520 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 27/02/2008 العمر : 68
| موضوع: العلة والمعلول ما بين الموت والحياة ما وراء الواجب والمستحب للعلامة الشيخ الحَجاري السبت نوفمبر 16, 2013 1:14 am | |
| العِلـةُ وَالمَعلُول ما بَينَ المَوْت وَالحَياة ما وَراءَ الواجِب وَالمُستَحَب لِلعَلامَة الشيخ الحَجاري الرُمَيثي مِنَ العِراق بِسْمِ اللهِ الرَحمن الرَحيم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)(سُورَة لُقمان: آيَة 33)
يا أيَهُا الناس تَسارعُوا بالخَيراتِ واعمَلُوا مَا أمَرَكُم بهِ رَبّكُم مِن عِبادَةٍ وَطاعَةٍ، وَاترِكُوا مَا نَهاكُم عَنهُ، وَاحذَرُوا عذابَهُ يَوْمَ القيامَة, هذا اليَوْمُ الذِي لا يَغنِى والدٌ فِيهِ عَن وَلدِهِ شَيئاً كَما إنَهُ لا يَغنِي مُولُودٌ هُوَ مُغنٍ عَن والدِهِ شَيئاً، إنَ هذا اليَوْم وَعَدَ اللهُ بهِ, وَوَعدَهُ الحَّق الذِي لا يَخلِفَهُ، فلا تُلْهيَّنَكُم زَخارِف الدُنيا وَزَِينتُها عَن عِبادَةِ اللهِ، ولا تخْدَعَنَّكُم وَساوس الشَيطان، فتَصْرِفُكُم عَن اللهِ وَطاعَتِه (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) إذا كانَ المال وَالبَنُون غِنى الإنسانُ فِي حَياتِهِ الدُنيا فَما بالَهُ في اليَومِ الذِي لا يَنفَعُ فِيهِ غِناً إلاَّ مِنْ آتى بِغِنى دِينِهِ وَبسَلامَةِ قَلَبِه؟؟
وَالآيَة نَزَلَت فِي إنذارِ المُشرِكِينَ وَمُسْتأنفةٌ فِي المُسْلِمينَ بَينَ الوالِد والوَلد إناثاً وَذكُوراً,,
هذهِ العِلَة هِيَّ التِي لاَ تُنسْخ لِمَعلُولٍ: فالعِلَةُ هِيَّ الفاعِلِيَة التِي يَصْدِرُ مِنها الفِعل: فَليْسَ لِشَخصٍ عِلَةٌ ذاتِيَة تَكُون يَوماً لِشَخصٍ آخَر تَنْحَسِم بِمَعلُولٍِ لِيُشَخِصَ فِعلاَ رُوحِياً عِبادِياً لِغَيْرِهِ بَعدَ مَوْتِه, مِنَ المُسْتَحِيل النار تُولِد البِرُودَة ولاَ الثَلِج يَفرِز الحَرارَة وكُلٌ فِي قاعِدَةٍ عِلَتها: فالإنَسانُ الطَيْب يَخْرِجُ مِنهُ العَمَلَ الصالِح، وَالذِي خَبُثَ لاَ يَخْرِجُ مِنهُ إلاَّ النَكِد كَمَا أشارَ الله تَعالى فِي مُحْكَمِ كِتابِهِ الكَريم وقال (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا)(الأعراف:58)
فالصَلاةُ وَالصِيامُ وَالحَجُ واجباتٌ فرْضِيةٌ عَيْنِيَةٌ لا تَقبَل النِيابَة أوْ الوكالَة أنْ يَقضِيَها أحَدٌ عَن مَيِّتِ لأنّها حَقُّ الله عَلى كُلِّ عَبدٍ بالِغِ العَقل ولَيْسَ هُناكَ عِذرٌ لِتَركِها أبَداً مَا زالَت هِيَ في الأعناقِ وَبحَرَكاتِ الجِسْمِ وَالعَقل وَبِوَسِيلَةِ الرُوح المُمَكِنَة فِي ذاتِ صاحِبِها, ولاَ يَقبَلُ الله مِن أحَدٍ يُكَلَف بها بَدَل العَبْد، فالشَحنَةُ الرُّوحِيَّة لا يُمْكِنُ أنْ تَنتَقِلَ لِغيرِ العَبد المُكَلَف بِها إلاَّ هُوَ وَباتِصالٍ مُباشًِرٍ مَعَ اللهِ فِي عِبادَتِهِ وَطاعَتِه، وَلاَ يَجُوز لِلإبْنِ الأكْبَر وَلا لِغَيرِهِ أنْ يَقضِيَ الصَلاة وَالصَوْم وَالحَج مَا فاتَ عَنِ المُتَوَفّى كَما ذُكِرَ فِي خَطَأِ رسائِلِ الفَقَهاء وَهذا ما حَصَل تَناقِلَهُ في المَعنى المُتَعارف عَليهِ مِنْ قَبلُ وَالمُسْتَخدَمُ حالاً لاَ مُحالاً في المُجْتمَعاتِ العُرفِيَةِ وَالعَقلانِيَةِ يَزْعَمُونَ أنَ الشَفاعَةَ مُنحَصِرَةُ فِي جَراءِ المُذنِبِ المُقصِر إذا ماتَ وَلَمْ يَتُب لِلَّهِ فِي أداءِ الواجِباتِ كانَ انطِواءَهُ مُتَأمِلاً إنهُ سَوْفَ يَحصَل عَلى شُفَعاءٍ مِنْ أهْلِ البَيتِ عَليْهِمُ السَلام يَشفَعُونَ لَهُ بالمُستَحباتِ فِي إسْقاطِ الواجِباتِ,,
وَأقولُ لكُم كَوْنِي مُفسِراً لِلقرآنِ الكَريم: المَوقِفُ المُرْتَبِطُ فِي جَزاءِ الجَنَةِ وَنارِ الجَحِيم نَفهَم ما وَرَدَ فِي دُعاءِ لَيْلَةِ عَرفَة وَهِيَ آخِرُ لَيلَةٍ مِنْ حجَةِ الوَداعِ لِرَسُولِ اللهِ: وَفِي ضَوْءِ هذا الدُعاء تَرَدَدَ عَلى لِسانِ الإمام الحُسَين عَليهِ السَلام وَبجَمعِ الوافِدينَ مِنْ يَوْمِ عَرفَةٍ قال (الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِعٍ وَهُوَ الجَوادُ الواسِعُ، فَطَرَ أَجْناسَ البَدائِعِ وَأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعِ وَلا تَخْفى عَلَيْهِ الطَلائِعِ وَلا تَضِيعُ عِنْدَهُ الوَدائِعُ جازي كُلِّ صانِعٍ وَرايِشُ كُلِّ قانِعٍ وَراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ مُنْزِلُ المَنافِعِ وَالكِتابِ الجامِعِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ وَللْكُرُباتِ دافِعٌ وَلِلْدَّرَجاتِ رافِعٌ وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ) ثُمَ قالَ سَلامُ اللهِ عَليهِ (وَما أَقَلَّتِ الأَرْضُ مِنِّي وَنَوْمِي وَيَقْظَتِي وَسُكُونِي وَحَرَكاتِ رُكُوعِي وَسُجُودِي)
ثُمَ رَفعَ الحُسَنُ رَأسَهُ وَبَصَرَهُ إلى السَماءِ وَعَيْناهُ يَذرِفان دَمْعاً وَبِصَوْتٍ عالٍ لِيُسْمِعَ الوافِدُونَ أهُوَ ابنُ مَن لِيَسْتَغفِرَ عَنْ ذنُوبِهِ بَعدَ أنَ رَفَعَ يَدَيْه تِلْقاءَ وَجْهَه كَاسْتِجارَةِ المِسْكِينُ الذّلِيلُ وَكانَ مِمَن حَوْلَهُ يُردُونَ الدُعاءَ لأنفُسِهِم وَأقبَلُوا الكَثِيرُ عَلى الاسْتِماعِ لَهُ وَالتَأمِينُ عَلى دُعائِهِ فَعَلَت أصْواتَهُم بالبُكاءِ وَأفاضَ الناسُ مَعَهُ دِمُوعاً وَقالَ (فَلَكَ الحَمْدُ إِلهِي وَسَيِّدِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَفَ أَصْبَحْتُ لا ذا بَرائَةٍ لِي فَأَعْتَذِرُ وَلا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيٍْ أَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيٍْ أَسْتَقْبِلُكَ يا مَوْلايَ) وآخِرُ ما قالَ الحُسَينُ فِي دُعائِهِ لِيُظهِرَ لِلناسِ دَوافِعُ الشَّر وَهُوَ يَمشِي بَيْنَ صِفُوفِهِم (يا أقدَرَ الأقدَرينَ أُغْفِر لِي الذِنُوب التِي تُغَيِّر النِعَم)
طَبيعِي يا عَزيزي المُوالِي: هذِهِ النِعَمُ فِي الحَياةِ هِيَّ المادِيَةُ وَالمَعنَويَة وَمِنْ أعظَمِ النِعَمِ المَعنَويَةِ أقصِدُ بِها الرُوحِيَة التِي تَنطَلِقُ برُوحِيَةِ الإنسان المُوالِي هِيَّ النِعمَةُ المُطلَقة نِعمَة الإمامَة وَالولايَة فَلا يَنقَطِعُ حَبْلُها وَمَدَدُها إذا كانَ الإيمانُ مُرتَبِطٌ باللهِ تَعالى فِي تُقاةِ العَبد كَمَا أشارَ إليها الله فَقدَمَ الدِينُ عَلى النِعمَةِ أوْلاً ثُمَ أكْمَلَ النِعمَةَ بالدِينِ وَقال (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
والمَعلُومُ مِن جَوْهَرِ الآيَة هُوَ إكمالُ الدِين والنِعمَة مَعاً؟ فإنْ دانَ أحَدٌ باللهِ دُونَ نِعمَةِ الوِّلايَة كَما أدانَ البَعضُ مِنَ السُنَةِ والجَماعَة فَلاَّ دِينَ لَهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الخاسِرينَ وكَذلِكَ فَمَنْ جَعلَ النِعمَةَ بالوِّلايَةَِ عَمَلاً أساساً لَهُ دُونَ الدِينِ فِي طاعَةِ اللهِ وَعِبادَتِه خَرَجَ مِنْ حِصْنِ الوِلايَةِ بَلاَ شَفاعَةٍ وَكانَ عَمَلَهُ هَباءً مَنثُوراً؟ ذلِكَ لِقَوْلِ رَسُول الله فِي أسْرار حَدِيثِ الثَقلَيْن مُستَنِداً عَلى قَوْلِهِ تَعالى المُشارُ إليهِ مِنْ أعلاه: فَقالَ (إنِّي تارِكٌ فِيكُم الثَقلَيْن كِتاب الله وَعترَتِي أهْل بَيْتِي وإنَهُما لَنْ يَفتَرِقا حَتى يَرِدا عَليَّ الحَوْض مَا إنْ تَمَسَكتُم بِهِما لَنْ تَضِلُوا بَعدِي أبَداً)
والضَلالُ والإضْلالُ في قَوْلِهِ تَعالى قال (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) وَضَلالُ السَعِي خَسارَةً ثُمَ عَقبَهُ اللهَ بقَوْلِهِ (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) هذِهِ الآيَة فِي ظاهِرِ السِياقِ أنَ الخِطابَ نَزَلَ فِي الراهِبين الزائِغِينَ عَنْ كِتابِ اللهِ تَعالى المُلازِمِينَ لِلصَوامِعِ فبَطِلَ عَمَلَهُم فِي الحَياةِ الدُنيا لِفَسادِ اعتِقادِهِم وَهُم يَعتَقِدُونَ أنهُم يُحسِنُون بعَمَلِهِم صَنِيعاً خَيِّراً يُرْضِي اللهَ دُونَ تَطبيقِ أحكامِهِ فِي طاعَتِهِ وَشَرائِعِهِ: وَضَلالِ السَعِي الذِي عَبَرَ اللهُ عَنهُ كَأنَهُ ضَّلَ العَبد عَنْ الطَريقِ فانتَهى بهِ مَطافُ السَّيْرِ إلى خِلافِ غَرَضِهِ فَرَماهُ فِي هاوِيَةِ المَهالِك؟ فَعَلى الخَسْرانُ أنْ يَرْجَى زَوال خَسارَتَهُ فِي الانتِباه لِيَسْتَأنِفَ العَمَل المُسْتَحَب فيَتَدارَكَ مَا ضاعَ مِنهُ مِنَ الواجِباتِ الشَرعِيَةِ وَيَقضِي ما فاتَهُ مِن عِباداتٍ, وَدَليلُ الآيَة رُبَما يَخْسَر ما قَدَمَهُ مِنْ مُستَحباتٍ وَهُوَ يُذعِن بأنَهُ يَربَح مِنْ خِلالِها لإعتِقادِهِ بذاتِهِ فَيَحسِبُونَهُ الذِينَ كَمِثلِهِ إنَهُ مِنْ أتباعِ أهْلِ الحَقِّ فَيَلتَحِقُونَ بِهِ كَأنَهُم دَواعِي الحَق وَمُنادِينَ اعتِقادَهُم هذا عَلى الفِطْرَةِ التِي يَنتَفِعُونَ بِها وَهُم أشَدُ الخَسارَةِ لاَ رجاءَ لِزوالَ خَسارَتِهِم مِما أخِيبَ سَعيِّهِم إذا ما لَمْ يَجعَلُوا مُستَحباتَهُم تُلحِق بواجِباتِهِم كَدِينِ وَالعِترَةِ مَعاً,, والآيَةُ مُسْتأنفة كَذلِكَ فِي المُسْلمِينَ مِنْ أهْلِِ حَرُوراء الذِين خَرَجُوا عَن النَبِّي لِعَدَم رِضاهُم بالتَحكِيم فِيما كانَ للهِ فِيهِ حُكْمٌ, وَسَألهُ ابْن الكَواء فقالَ: مِنهُم أمَل فقالَ: لا,,
وَفِي هذا قالَ اللهُ تَعالى عَنهُم (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا)(سُورَة الكَهف آية:105)
فإذا كانَ الثَقَلان هُمَا المَعصُومان القُرآنُ وَأهْل البَيْت فَعَليكَ الالتِزامُ بِهِما لاَ دُونَ الآخَر؟ فالقرآنُ لا يَأتِيَهُ الباطِل مِنْ بَيْنَ يَديْهِ الله وَلاَ مِنْ خَلفِهِ كَمَا قالَ عَنهُ (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا(9) وَكذلِكَ قالَ فِي أهْلِ البَيْت (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)
(وَدَلِلُنا عَنْ مُكَوِّناتِ هذا التَفسِيرُ اسْتِنادُنا لِحَدِيثِ النَبيِّ صَلى اللهُ عَليهِ وآلِهِ) عَن جابر بنَ عَبد الله قلتُ لِرسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وَسَلم أوَلُ شِيءٍ خَلقَ الله ما هُوَ فقالَ: نُور نبِّيكَ يا جابر خَلقَهُ الله ثمَ خلَقَ مِنهُ كُلَّ خَيْرٍ، ثُمَ أقامَهُ بَينَ يَدَيهِ فِي مَقامِ القُرْب ما شاءَ الله، ثمَ جَعَلَهُ أقساماً، فخَلَقَ العَرْش مِن قسْمٍ وَالكُرسِيُ مِن قسْمٍ، وحَمَلة العَرْش وسَكَنة الكُرسِي مِن قِسْمٍ وَأقامَ القِسْم الرابع في مَقامِ الحُب ما شاءَ الله، ثُمَ جَعلَهُ أقساماً، فخلَقَ القَلَم مِن قسْمٍ، واللَّوْح مِن قِسْمٍ والجَنة مِن قِسْمٍ, وَأقامَ القِسْم الرابِع فِي مَقامِ الخَوْف ما شاءَ الله، ثُمَ جَعلَهُ أجْزاءً فخَلقَ المَلائِكَة مِن جزءٍ, والشَمْس مِن جِزءٍ والقمَر مِن جزءٍ، وأقامَ القِسْم الرابع فِي مَقامِ الرَجاء ما شاءَ الله، ثُمَ جَعلَهُ أجْزاءً، فخَلَقَ العَقل مِن جزءٍ, وَالعِلْم والحُلُم مِن جزءٍ, والعِصمَة والتَوفِيق مِن جزءٍ, وأقامَ القِسْم الرابع فِي مَقامِ الحَياءِ ما شاءَ الله، ثمَ نظرَ إليهِ بعَيْن الهَيبَةِ فرَشَحَ ذلِكَ النُور وَقطُرَت منهُ مائَة ألْف وأربَعَة وعشرُونَ ألف قطْرَة فخَلقَ اللهُ مِن كُلِّ قطرَةٍ رَوحَ نبيٍّ وَرسُولٍ, ثمَ تَنفَسَّت أرْواح الأنبياء فخَلقَ مِن أنفاسِها أرْواح الأوْلياءِ والشُهَداءِ وَالصالِحِينَ)
2ـ وَالدَلِيلُ العَقلِي حَيْثُ إنِي أتَناقضُ بِقوْلِي هذا مَعَ مَسائِلِ العُلماءِ الشَرعِيَةِ مِنْ هذا النَوْع وإنِّي عَلى صَحِ القَوْل حَتى لا يَتَهاوَنَ الناس عَنْ ما أُمِرُوا بِهِ وَذلِكَ لِقوْلِهِ تَعالى قالَ (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)(سُورَة النَجِم آيَة:39) فِي حَياتِهِ مِنْ خَيْرٍ وَشَّرٍ وَالسِعايَة كِنايَةٌ فِي العِبُودِيَةِ والطاعَةِ مَعاً, وَفِي يَوْمِ المَحشَر قالَ اللهُ تَعالى (يَتَذَكَّرُالْإِنْسَانُ مَا سَعَى)(سُورَة النازعات آيَة:35) يَتَذَكَّرُ مَا فِي حَياتِهِ مِنْ أعمالٍ هُوَ عامِلُها لِنَفسِهِ لاَ غَيْرَهُ ما أُنِيبَ عَنهُ مَعَ فَرْطِ غَفلَتِهِ مَعَ نِسيانِهِ لِمَدَّى طُول المُدَةِ وَحَقِقَتِها خارِجاً مِن بَرْزَخِهِ إلى وقُوفٍ لاَ تُعَد أيامَهُ, اليَوْمُ الذِي (يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ)(سُورَة عَبس آية:36)
والدَلِيلُ الثانِي لِقوْلِ النبِّي صَلى اللهُ عَليهِ وآلِهِ قالَ: إذا ماتَ ابْنُ آدمَ انقطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثلاثٍ صَدَقةٍ جاريَة, أوْ عِلْمٌ يُنتَفَعُ بِهِ, أَوْ وَلَدٌ صالِحٌ يَدعُو لهُ) ولكِن هُناكَ جَوازٌ لِلوَلَد أنْ يُصَلِّي نافِلَةً وَيَصُوم وَيَطُوف الكَعبَةَ اسْتِحباباً وَيَهِب ثَواب هذهِ الثَلاث لِوالدِهِ لاَ قياساً عَلى الفِرُوضِ النُدب بَلْ إسْقاطِ الفِرُوض بالدُعاءِ وَالصَدَقَةِ اللَّذان يُلْحِقان ثوابُها لِلمَيْتِ لاَ الصَلاةَ وَالصَومَ وَالحَجِ نَفسَها فَيَنتَفِعَ باسْتِحبابِها إنْ شاءَ الله,,
والدَلِيلُ كَما جاءَنا فِي المُسْتَحباتِ المَرْويَةِ عَن أهْلِ البَيْت عَلَيهِمُ السَلام: عَن عليِّ بن مُوسى بن طاوُوس فِي كِتابِ غِياث سُلطان الوَرى لِسُكان الثرى) عَن عليِّ بن جَعفَر فِي كِتابِ مَسائِلهِ عَن أخِيهِ مُوسى بن جَعفَر عَليهِ السَلام قال: سَألتُ أبي جَعفر بن مُحَمد: عَن الرُجِل هَل يَصْلِحُ لهُ أنْ يُصَلي أوْ يَصُوم عَن بَعضِ مَوْتاه؟ قالَ نعَم، فليُصَلِ ما أحَب ويَجْعَل تِلكَ لِلمَيْت، فهُوَ لِلمَيْت إذا جَعَلَ ذلكَ لهُ,,
وكَذلِكَ عَن عليِّ بن أبي حَمزَةَ فِي (أصْلِهِ) وَهُوَ مِن رِجالِ الصادِق والكاظِم عليْهِما السَلام قالَ: سَألتَهُ عَن الرَجُل يَحِجُ ويَعتَمر ويُصَلي ويَصُوم ويَتصَدَق عَن والدِيْهِ وذَوي قرابتِهِ، قالَ: لا بَأسَ بهِ يُؤجَر فِيما يَصْنع وَلهُ أجْرٌ آخَربصِلةِ قرابتِهِ، قِلتُ: إنْ كانَ لا يَرى مَا أرى وَهُوَ ناصِب؟ قالَ: يُخفَف عَنهُ بَعض ماهُوَ فِيه)
وَفِي الرِوايَةِ الأخِيرَة: عَن عَبدِ اللهِ بن جندُب قالَ: كَتبتُ إلى أبِي الحَسَنِ عَليهِ السَلام أسْألهُ عَن الرَجُل يُريد أنْ يَجْعَل أعمالَهُ مِنَ البِّرِ والصَلاةِ والخَيْرِ أثلاثاً: ثِلثاً لَهُ، وَثُلثَيْن لأبَوَيه أوْ يَفرِدِهُما مِن أعمالِهِ بشَيءٍ مِماً يَتَطَوَع بهِوَإنْ كانَ أحَدَهُما حَياً وَالآخَر مَيِّتاً؟ فكَتَبَ إليَّ أبا الحَسن: أمَّا المَيِّت فحُسنٌ جايزٌ، وَأمَا الحَي فلاَّ إلاَّ البِّر وَالصِلَة) يَقصِد الإمام بالصِلةِ: الصِلَةُ برَبِّهِ أفضَل لَهُ كَوْنَهُ حَي, وَأمَا المَيِّت فحُسنٌ جائِزٌ اسْتِحبابَهُ أنْ يُهدى لَهُ عَمَلاً,,
وأمَا المَرْوي فِي الواجِباتِ التِي تَتناسَب مَعَ صَدرِ حَديثِنا: عَن عبدِ اللهِ بن سَنان، عَن الصادِق عليهِ السَلام قال: الصَلاةُ التِي دَخَلَ وَقتَها قبْلَ أنْ يَمُوتَ المَيِّت يَقضِي عَنهُ أوْلى الناس بهِ) يَقصِدُ الإمام فَقط صَلاةٌ واحِدَةٌ هذا مَا صَحَ عَن أحادِيثِ أهْل البَيْت عَليهِم الصَلاةِ والسَلام؟ وَإلاَّ تَبْقى أكْثر الرِِوايات مَدسُوسَة عَلى الإطلاق؟؟
3ـ فإذا ماتَ الإنسانُ قامَت قَيامَتهُ فيَنقطِعُ عَمَلَهُ الذِي كُلِفَ بِـهِ فإنْ لَمْ يَوْفِي بهِ لِرَبِهِ قَبلَ مَوْتِهِ لا يَنفَعَهُ وَلَداً أنْ يُجْزيَ عَنهُ ما فاتَهُ, وَلاَّ والِدٌ يَنتَفِع لِولَدٍ أنْ يُجْزيَ عَن مَا فِي ذِمَتِهِ مِن صَلاةٍ وَصَوْمٍ وحَجٍ لأنَها غَيرُ مُجْزيَةٍ؟ فإنْ أجْزِيَّ أحدٌ عَن مَيتٍ مُقصِرٍ فِي عَمَلِهِ كَما هُوَ مُتعارَفٌ عَليهِ فِي رَسائِلِ العُلماءِ يَزْعَمُونَ لِلناس (بِأنَ العِلَةَ فِي ذلِكَ أنَ اللهَ فرَضَ عَلى الناسِ خُمْس صَلَوات، فجَعَلَ مِنْ كُلِّ دَعائِمِ الصَلاةِ الخُمْس لِلمَيتِ تَكْبيرَةً؟؟
أقُول: هذا الحَدِيثُ صَحِيحٌ ومُطابِقٌ لِلقرآن وَلكِن لَمْ يُدرِكَ العُلماءُ مَعناهُ كَوْنِهم جَعلُوهُ لِلمَيِّت في قِضاءِ واجِباتِهِ بِالنِيابِةِ عَنهُ مِنْ أحَدٍ فَتَناقضَ قَولَهُم مَعَ الحَدِيثِ والقُرآن وَقوْلَهُ (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ)(سُورَة التَوبَة آية:84) أقول: إذا كانَ المَيْتُ غَيرُ فاسِقٍ بالكُفْرِ أَذِنَ أوْلياءَ المَيِّت أحَداً أنْ يُصَليَ عَليهِ صَلاة الجَنازَة فَقط لاَ الواجِباتِ المُتَعلِقة فِي ذِمَتِهِ بَعدَ المَوْتِ لِيُسْتَغفِرَ لَهُ المُصَلِي فَيَكتِبُ اللهَ لهُ الأجْرَ وَلِلمَيِّتِ الاسْتِغفار، كَمَا يُسْتَحَبُ الدُعاء لَهُ عِندَ رُؤْيَةِ الجَنازةِ وحَمْلِها,, فلاَ يَتَوَهَم أحَدَكُم بأنَ المَيِّت يُحَضَّر لَهُ الثُمِن عِندَ قِسْمَةٍ أُرْثِيَّت عَنهُ أنْ يَدْفَعَ أحَدَكُم لأحَدٍ مِنْ مالِ المَيِّت لِيُقضِيَّ عَنهُ ما فاتَهُ مِنْ واجِباتٍ تَكلِفِيَة, فإنَ لِكُلِّ حَديثٍ يُذكَر عَن العُلَماءِ إذا مَا لَمْ يُطابِق مُسَلَمات القُرآن فَهُوَ زُخْرَفٌ فإنَ أخِذتَهُ فلاَ يَقبَلُ اللهَ مِنكَ (شَيْئًا) مِمَا تُجْزي بِهِ لِمَيِّتٍ مِنْ واجِباتٍ تَكلِفِيَةٍ, وَفِي البَيانِ العَقلِي وَالظنُون بأنَكَ لا تُوثِق أنْ تُصَلي وَراءَ مَرْجِعٍ غَيْر مَرْجِعِك فَكَيفَ وَالحال بنفسِكَ المَرْهُونَة بيَدٍ مَليكٍ عَزيزي قالَ (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ) عَليكَ فَلاَ يَحِقُ لَكَ أنْ تَخْلِطَ الأمْرَ الظاهِر لِمَصْلحَةِ الباطِن وَلاَ الباطِنُ لأجْلِ الظاهِر أنْ تَأمَلَ بَعدَ المَوْتِ أحَداً يُقضِيَ عَنكَ مِنْ واجِباتٍ تَكلِيفِيَةٍ بِمالٍ دَخَرْتَهُ مُعتَمِداً مُوْقِناً أنْ يُصَلِي عَنكَ عَلى وَهْمِ شَريعَةٍ مَعقودَةٍ لِتَفُوزَ بِها بالحَسَنَيْنِ راحَةُ البال فِي الدُنيا مُقصِراً فِي صَلاتِكَ وَصَوْمِكَ وَبأبْخَسِ تَقصِيرٍ وَفِي المَحكَمَةِ الإلهِيَة تَنتَظِر وَكِيلُكَ المُوْصى بِهِ مِنْ بَعدِكَ لِيُسَلِمُكَ الصَلاة وَالصَوْم عَمَا قَضَّى عَنكَ وَمَا سَلَف,, فَمَنْ سَلَكَ طَريقُ الباطِن بَلاَ نظَرِ فِي العَمَلِ الظاهِر ضَلَّ وَأضَلَّ عَن الصِراطِ المُسْتقِيم,,
والمَعلُومُ أنَ العَمَلَ عَلى الصِراطِ المُسْتقِيم هُوَ الأخْذُ بالظاهِر وَالتَمسِّكُ بهِ فِي السَيْرِ لِلوصُول إلى الباطِنِ, وأفضَلُ المَناهِجِ التَعَبُدِيَة هُوَ الإيمانُ بالظاهِرِ وَالباطِن مَعاً وَعَلى أنْ تكُونَ الانطلاقَةُ مِنَ الظاهِر لِيُجْزى عَلَيهِ فِي الباطِن مِن يَوْمِ القِيامَةِ, والآيَة دالَة كَما قالَ رَبُكَ الأعلى (وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ) في حِلْمِهِ وَإمْهالِهِ عَنكُم إنَ اللهَ لاَ يُهْمِل عَمَّا اغتَرَرْتُم بِزَخرَفةِ الحَياةِ الدُنيا (الغَرُورُ) السائِرَةُ بشَيْطانِها مَا يُغرَنَكُم بِغِرُوري أنفُسِكُم وَبشَهَواتِها المُوْبِقَة فَيَخسَرُ الإنسانَ آخِرَتَهُ (إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ)(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد) (سُورة ق: آيَة 16)
وَالمُرادُ بالوَريد: فنَحنُ نَعلَم بعَمَلِهِ مِمَن كانَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد وَهُوَ عرقانُ يَقَعانُ بصَفحَتِي العُنِق مُتَصِلان بالوَتِينِ والوَتَينِ وَمُرتَبطانِ بالقلبِ المُوْصِل بِمَجْْرى الدَّم إلى أعضاءِ البَدَن, فإذا انقطَعَ أوْ تَوقفَ الوَريدُ ماتَ الإنسانُ كَما ذكَرَ رَبُّكَ (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ)(سُورَة ق آيَة:19) أي: لاَ فِرارَ أنْ تَمِيلَ أوْ تَيقِنَ لِرَبِّكَ وَأنتَ فِي حالَةِ سَكَرَةِ المَوْت التِي تُذهِب العَقِل الذِي لا يَجعَلُكَ أنْ تَتمَنى المَغفِرَةَ مَعَ البَقاءِ عَلى المَعصِيةِ وَالتمادِي عَلَيْها كَما أنذَرُكَ رَبُّكَ عَنْ تَوْبَةِ الاضْطِرار لاَ عَلى الاختِيارِ وَقال (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)(سُورَة النِساء آيَة: 18) وَفِي آيَةٍ أخرى قالَ عَزَّ مَنْ (لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ)(سُورَة الأنعام 158) آيَةٌ فِي إنذارٍ خَطِيرٍ حَيْثُ لاَ يَنفَعُ العاصِي أنْ يَتُوب وَيُطِيع الآن وَهُوَ فِي سَكَراتِ المَوْت فلَقَد انتَهَت مَرحَلة التَكلِيف؟؟
والجَديرُ بالذِكْر إذا رَفعَ الإنسانُ خُطْوَةً لَمْ يَدْري أنَهُ يَمُوت قبْلَ أنْ يَضَعَ الخُطْوةُ الثانِيَة إنَ هذِهِ الأشْياء لا يَعلَمُها عَلى التَفصِيل وَالتَحقِيق غيرُ اللهِ تَعالى إنَهُ عَلِيمٌ خَبيرٌ بِها حَتى قالَ (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) كَمًَا فِي القَوْل: وكَم مِن نَفسٍ تَقول لا أبْرَحُ المَوْتَ حَتى أمُوتُ فِي هذِهِ الأرْض وَتَرامَت بِصاحِبِها الأقدارُ وَماتَ في غَيْرِها مِماً لَمْ يَخطِرُ ببالِها المَوْت,,
4ـ لَوْ فرَضناً أنَ الإنسانَ المُكَلَف بالواجِباتِ تابَ لِرَبهِ بَعدَ سِنِينٍ مِنْ جَهالِةِ سُوءِهِ والتزَمَ بالصالِحاتِ وَأخذَ يَوْفِي قََضاءً بتَسِديدِ ما فاتَهُ مِن صَلاةٍ وَصَوْمٍ ثمَ ماتَ فِي المَوْتِ المُفاجِئ أوْ بسَبَبِ المَرْض المُزْمِن الذِي يُضعِفُهُ أوْ بفقدانِ العَقِل غَفرَ اللهُ عَنهُ مَا سَلفَ مِن صَلاةٍ وَصَوْمٍ باسْتِثناءِ الزَكاةِ والخُمْسِ والنِذُور وَحَقِّ الدائِن المُتعَلِق فِي ذِمَةِ المُدان فَيُكَلف بِها الوَلد الأكْبَر عَلى الأحوَط مَعَ الإسْتطاعَة, كَما إنَهُ يُسْتَحَبُ لِوالِد عَن وَلدِهِ, ولِلوَلدِ عَن أبَوَيهِ مَا يُضْحِي عَنهُ بِضَحِيَةٍ مِن يَوْمِ الأضْحى ويُعِقُ عَنهُ بِبَهِيمَةِ الأنعامِ لأنهُما يَنفعانَهُ فِي اليَوْمِ الآخِر,,
وَفِي هذهِ الآيَة تَنفَع الشَهيد بالشَفاعَةِ أنْ يُجزيَ عَنْ أمُهِ وَأبيهِ وَبنِيهِ وَزَوجَتهِ وأخِيهِ فِي يَوْمِ القِيامَةِ عَمَّا سَلَفَ عَنهُم فِي تَقصِيرِ الواجِبات, لأنَ أرْواحَ الشُهداءُ أحياءٌ تَركَعُ وتَسْجِدُ تَحتَ العَرشِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ كَما بَيْنَ رَسُول اللهِ مُحَمد صَلى اللهُ عَليهِ وآلِهِ قالَ (أرواحَهُم فِي أجْوافِ طَيْرٍ خُضْرٍ لها قنادِيل مُعَلقَة بالعَرْش، تَسْرَحُ فِي الجَنةِ حَيثُ شاءَت, ثمَ تَأوي إلى تِلكَ القنادِيل فأطلَعَ عَليهِم ربَهُم إطِلاعَهُ فقال: هَلْ تَشتَهُونَ شَيئاً؟ قالُوا: أيُ شَيءٍ نَشتَهي ونَحنُ نَسْرَح فِي الجَنةِ فِيما شِئنا ،ففعَلَ بهِم ذلِكَ ثلاثُ مَراتٍ، فلَّما رَأوا أنهُم لمْ يَتركُوا أنْ يَسْألُوا، قالُوا: يا رَبَّنا تَردَّنا فِي أجْسادِنا حَتى نُقتَل فِي سَبيلِكَ مَرَةً أخْرى) فنزَلَ قَولًَهُ تَعالى بِهِم وَقالَ (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ )(سُورَة آل عُمران:آيَة 169)
والدَليلُ عَلى قَوْلِنا كَما هُوَ جاءَ مِن كَلامِ أمَيرَ المُؤمِنينَ عَليِّ (عَليهِ السَلام) لِرَجُلٍ سَمَعهُ يَذمُ الدُنيا مِن غَيرِ مَعرفَةٍ بما يَجِب أنْ يقولَ فِي مَعناها كَقوْلِ أمِيرَ المُؤمِنينَ قالَ: الدُنيا دار صِدقٍ لِمَن صَدَّقها، ودار عافِية لِمَن فَهِمَ عَنها، وَدار غِنى لِمَن تَزَودَ مِنها، مَسْجِد أنبياءَ اللهِ ومَهْبَط وَحيِّه، ومُصَّلى مَلائكَته ومَتجَر أولِيائه، اكتَسِبُوا فِيها الرَحمَة، وَربَحُوا فِيها الجَنةَ فمَن ذا يَذمُها؟ وقد آذِنَت ببَيِّنِها، وَنادَت بفِراقِها، وَنَعَت نفسَها، فشَوَقت بسِرُورها إلى السِرُورِ، وحَذرَت ببَلائِها البَلاء تَخويفاً وَتحذِيراً وَترغِيباً وَترهِيباً, فَيَا أيُها الذامُ لِلدُنيا والمُغتَرُ بتَغريرِها مَتى غرَتَكَ؟ أبمَصارعِ آبائِكَ فِي البَلى أمْ بمَصارِعِ أمَهاتِك تَحتَ الثَرى كَم عَللَت بكَفِيكَ ومُرِضَت بيَدِيكَ تَبتَغي لهُم الشَفاءَ واسْتوْصَفْتَ لهُم الأطباءَ، وتَلتَمِسَ لهُم الدَواءَ، لمْ تَنفعَهُم بطَلَبِكَ ولَمْ تَشْفَعَهُم بشَفاعَتِكَ مَثلَت بهِم الدُنيا مَصْرَعُكَ ومَضْجَعُكَ حَيثُ لا يَنفَعُكَ بكاؤُكَ وَلا تَغنِي عَنكَ أحباؤُكَ؟؟
اللَّهُمَ بِحَقِّ مُحَمَدٍ شَفِيع أمَتكَ أنْ تَشْفعَ لِمَنْ ماتَ وَقصَر عَنكَ فِي عَمَلِهِ: والصَلاةُ والسَلامُ على سَيِّدِنا مُحَمدٍ وآلِهِ الطِيِّبينَ الطاهِرينَ, وَالسَلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وبَرَكاتُه,,
| |
|