منتديات صوت الشيعه الناطق للشيخ الحجاري الرميثي
منتديات صوت الشيعه الناطق للشيخ الحجاري الرميثي
منتديات صوت الشيعه الناطق للشيخ الحجاري الرميثي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات صوت الشيعه الناطق للشيخ الحجاري الرميثي

منتديات صوت الشيعه الناطق للشيخ الحجاري الرميثي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» العَلامَة الشيخُ الحَجاري الرميثي العراق اكتَشَفتُ لِلعالَم دَواء مَرَض فيرُوس كُورُونا الجَدِيد وَبدُون مَبلَغٍ
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Emptyالجمعة فبراير 28, 2020 5:07 pm من طرف الشيخ الحجاري

» شاهد وضوء السيستاني والخوئي واطلع على بيان قاعدة الوضوء غيره الشيخ الحجاري للسسيتاني
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Emptyالسبت أبريل 28, 2018 3:35 am من طرف الشيخ الحجاري

» أيها العلماء ومراجع الشيعة أين هو الخطأُ في زيارة عاشوراء هل انتبهتم إليه أم أخذتكم الغفلة
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Emptyالإثنين أبريل 16, 2018 9:23 am من طرف الشيخ الحجاري

» أكثر أسباب الجلطة وأمراض القَلب وضيق النفس من تَعاطي الرِّبا تفسير الشيخ الحجاري
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Emptyالجمعة مارس 30, 2018 4:04 am من طرف الشيخ الحجاري

» احتَجَ العَلامَة الشَيخُ الحَجاري مُفسِر القُرآن مِن العِراق عَلى عُلماءِ الغَرب وَعُلماءِ الفَلَك وَرُواد الفَضاء
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Emptyالأربعاء يناير 31, 2018 4:22 am من طرف الشيخ الحجاري

» ما مَعنى مُفردات الكَلمَة فِي القـرآن فَكَيفَ يَكُونُ تَأوِّيلُها وهَـل اختَلَفَ المُفسِرُونَ بآراءِ المُفرَداتِ كَما هِيَ كَالآتِي
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Emptyالجمعة يناير 26, 2018 3:08 am من طرف الشيخ الحجاري

» كَثِيرٌ مِنَ الناسِ يَسألُونَ ما الفَرقُ بَينَ الرَسُولِ وَالنَبِّي وَالإمام) فأجابَهُم الشَيخُ الحَجاري قائِلاً
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Emptyالجمعة يناير 26, 2018 2:40 am من طرف الشيخ الحجاري

» خَطَأتِ القُراءُ ما بَينَ أصْلِ الكَلِمَةِ القُرآنِيَة (لَاتَّخَذْتَ) وَالهَمزَةُ المُدغَمَةٌ (لَتَخَذْتَ) وَبكَسْـرِ الخـاءِ (لَتَخِذتَ)
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Emptyالخميس يناير 25, 2018 12:13 pm من طرف الشيخ الحجاري

» السُؤالُ:ـ لِماذا لَمْ يَخلِقُنا الله عَزَّ وَجَل عَلى هَيئَةٍ واحِدَةٍ وَبشَكلٍ واحِدٍ وَبالقدرِ الواحِدِ
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Emptyالخميس يناير 25, 2018 11:54 am من طرف الشيخ الحجاري

أفضل 10 فاتحي مواضيع
الشيخ الحجاري
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_rcapياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_voting_barياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_lcap 
moon
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_rcapياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_voting_barياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_lcap 
walead90
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_rcapياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_voting_barياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_lcap 
السيف القاطع
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_rcapياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_voting_barياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_lcap 
دعبول
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_rcapياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_voting_barياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_lcap 
شيعيه و بس
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_rcapياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_voting_barياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي I_vote_lcap 

 

 ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشيخ الحجاري

الشيخ الحجاري


عدد المساهمات : 534
نقاط : 1520
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 27/02/2008
العمر : 68

ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Empty
مُساهمةموضوع: ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي   ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Emptyالأحد أغسطس 12, 2012 6:17 pm


[center]ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Ppmgmglomgnlgknmg
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Alhham
[center]ألحَمدُ للّهِ على نعَمهِ بِجَميعِ
مَحامِده. والثناءُ عليهِ بآلائهِ في بادِئِِ الأمرِِ وَعائِدِه. والشكرُ لهُ على
وافِرِِ عََطائِهِِ ورافِِدِه. والإعتراف بلُطْفِهِِ في مََصادِرِِ التوفَيقِ
ومَواردِه. وأَشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللّهُ وأنَ مُحمداً عَبدهُ ورسُولُهُ وأشهدُ
أنَ علياً أمينَهُ وحِجَتُهُ على خلقِه. شهادَةًَ مَقرُونةً بالإيمانِ والصَبر
بعيدةً عن الشَكِ والإرتيابِ مُتَحَليةٌ بقلائدِ الإخلاص وفَرائِدِه مُستَقلةٌ
بإحكامِ قواعِدِ التوحيدِِ ومَعَاقدِه..

والصلاةُ والسَلامُ على آلِ الرسولِ
الطاهِرينَ الجامِعِينَ نََوافِر الإيمان وشَوارِدِه. والرافِعينَ أعلام الإسْلام
ومَطارِدِهِ. والشارعِينَ نَهْج الهُدى لِقاصِدِه والهادينَ سَبيلُ الحَقِ
وماَهِدِهِ. والسلامُ على حُماةِ مَعالِم الدينِ ومَعاهِدِِه..

أما
بعدُ. أنَ هذا التفسيرُ هوَ ليسَ مِن خلافٍ بينَ أُولي الألباب وليسَ هُوَ الفريدُ
مِن نَوْعهِ. ولا ارتيابٌ أو الشكُ في تفاسيرِ ذَوِي المَعارفِ الراسِخينََ في
العِلمِ. بلْ أنَّ عِلمَ الحَديث وآثاره مِِن أشرفِ العِلومِ الإسلاميةِ قَدْراً
وأحْسَنُها ذِكراً. وأكملُها نفْعـاً وأعْظمُها أجراً. وأقولُ مِِن الاهتِمامِ
البيِّن والالتزام المُتعيِّن حيثُ انَ هذا التفسير يَنقسمُ إلى أربعةِ أقسامٍ:
أحدُهُما مَعرفة ألفاظهِ والثاني مَعرفـة مَعانِيـه.. والثالثُ بلاغتَـهُ اللغوية..
والرابـعُ

( 3
)



بِحوثهُ
الروائية والإستدلالية والعرفانية. ولاشكَ أن مَعرفَةََ ألفاظهُ مُقَدّمةٌ في
الرتبةِ على الإعرابِ. لأنَها الأصلُ في مُفرداتِِ اللغةِ ومعانِها. وبِها يَحْصل
التفاهُم بتأويلِِ الآياتِ. فإذا عرِفَتَها تَرتَّبتِ المعاني عليها، فكانَ
الإهتمامُ ببَيانِها أوْلَى مِن إعرابِها لُغوياً والتبْينُ مِن ذلكَ الألفاظَ التي
تنقَسِمُ إلى مفردةٍ ومركبةٍ ومَعرفةٍ. فالمُفردةُ مقَّدمةٌ على مَعرفةِِ المُركبَة
لأنَّ التركيب فَرْعٌ عَن الإفراد..




وأما الخاص مِِن
مفرداتِ الكَلِمةِ التي تُطابقُ معنى الآية في تأويلِها فهوَ ما يَدور فيهِ مِن
الألفاظِ اللُّغَوية الصَعبة والمُفرَداتِ الغريبة التي لا يَعرفُها إلا مَن عُنِيَ
بِها. والحافظَ عليها مِما عُرِفَ مدلولِها واستخرَجَها من مظانِّها والرجوعِ بِها
إلى أصلِ الكَلِمةِ مِن ثلاثةِ حروفٍ عربيةً وإلا تكونَ دخِيلةٌ وهذا لايدلُ أنَ
الصَوابَ على كُلِِ مَن فسَرَ آيةً مِن القرآن هُوَ أفصحُ المُفسرينَ لساناً
وأوضَحَهُمْ بياناً. وأعذَبَهُم نَطقـاً. وأسَدَّدَهُم لفظاً. وأبيَنَهُم لَهجَةً
وأقومَهُم حُجةً. وأعرَفَهُم بمواقع التفسير أو أهدَاهُم إلى طُرق الصّوابِ لِكنُهُ
عالِماً بِما يَرونَهُ الناس ويُنسٍبونََهُ تأييداً إلهياً ولُطفاً سَماوياً
وعنايَةًً رَبَّانية.ورعايَةً رُوحانية. وكُلَّ تفسيرٍٍ لمْ يُطابق السُنةِ والدين
فهُوَ مِن الشَواذِ..

ومن المعاني التي هيََّ مَبْنَى فَهْمِ الحديث عليها،
فمَعرفة ذات اللهِ تعالى لايَسمحُ الوقوف على حَـدِ تفسيرِها.، أما الوقوف على
معرفـةِ صفاتِ اللـهِ..

(
4 )




اسْتقِلَ بِها
عُلماء النَحو والتَّصريف، وإن كانَ بيني وبينهُم لا نُكاد نفْتَرِقاَنِ لاضْطِرارِ
كلٌ مِنا بالمَعنى ولكن وبمَصَّبٍ واحدٍ.. وأخشى مِن هذا العصرُ إنهُ ليس ذاكَ
العصرُ القدِيم. والعَهدُ ذلك العَهدُ الكريم. فجَهِْلُ الناس من هذا العصر ما كان
يلزمَهُم معرفَةُ هذا التفسِير، أللهُمَ عَزز جماعَة مِِن أُُولِي المَعارف
والنُّهَى، وذوي البصائر والحِجَى. أن يُدركوا مِِن مَعانيهِ طَرَفاً مِن عنَايتهم
وجانباً من رِعايَتهم..

لِذا أُوَكِلُ كُلَّ مَنْ وَقَفَ على هذا التفسيرُ
وَرَأى فيهِ خَطأًً أو خللاً إن يُصْلِحهُ ويُنَبّه عليه ويُوضّحَهُ ويُشيرَ إليهِ
حائزاً بذلكَ مِني شُكراً جَميلاً ومِنَ اللّهِ تعالى أجراً جَزيلاً..

وقبْل
الخَوضِ في التَصَّفحِِ مِن وَرقِ الكِتابِ. أقولُ أنَ العِلَّةًََ التي مِن أجلِها
جَعلَ اللهُ نِيةُ قلبي خيرٌ مِن عَملي: لِماذا لأنَ العَملَ في ارتقائِي المِنبر
الحُسيني ربُما يَكون رِِياء ورئاسَة واسْتكبار. أما نِيةُ القلب الخالصَةٌ لِربِ
العالمينَ.. فََيَعطيَّ اللهُ تعالى جَزيل الثَواب أكثرُ مالا يَعطِي على العَملِ..
كَذلكَ في نِيةِ القلبِ جَعَلني اللهُ باحِثاَ ومُحققاً ومُسيراً بِقلمي هذا أفضلٌ
مِنَ العَملِِ رياءً. لِئنَ المِنبر الحسيني مَن يَسُدَ حاجتَهُ الكثيرُ مِنَ
الخُطباءِ. لِكَي
أبتعِدُ عَن أحداثِ الناسِ ومِنَ
الذنُوبِ التي ما لمْ يَكونُوا يَعلمونَ الصِعاب فأخْشى اللهُ تَعالى أنْ يَحْدِثَ
لَهُم مِنَ البلاءِ ما لمْ يَكونُوا يَفهَمُونَ على ما كانُوا يَسْتَهزئُونَ..
ومِنَ اللهِ التوفيقِ ونسألكُم الدُعاء




ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Clip_i10
( 5 )
سُورَة آل عُمران الجزءُ الثالِث مِن
القرآن

مَدنيَـة وآياتُـها(200) نـَزَلت بعـدُ
الأنفـال




إِذْ قَالَ
اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ
الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ
فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)
فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ
الظَّالِمِينَ (57) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ
الْحَكِيمِ (58)

إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ
تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ
مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60)

ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Clip_i10
((تَفسِــــــــــير))




( إِذْ قَالَ
اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ)
بَلْ رَفَعَ اللهُ تَعالى عِيسى ابنُ مَريمَ إلى
السَماءِ الرابِعَةِ مِنْ غَيرِ مَوْتٍ ولاّ غَفْوَةٍ برُوحِهِ وجَسَدِهِ أنْ يَبقى
حَياً إلى الأمَدِ المُقَدَّرِ مِنْ الصَيحَةِ الثانِيَةِ
وفقَ مَا جاءَ تَصْدِيقَهُ في حَدِيثِ المِعراجِ عَنْ رَسُولِ اللهِ مُحَمدٍ صَلى
اللهُ عَليهِ وَآلِهِ حِينَ صَلى بِهِ صَفاً والمَلائِكَةُ أجمَعينَ..

والمُرادُ مِنْ سَبَبِ رَفعِ
عِيسى عَليهِ السلام إلى جِوارِ رَبِّهِ هُوَ حِينَ تآمرَ اليهُود وَالصِلِيبيُونَ على التَخلُصِ مِنهُ والقَضاء عَلى
دَعوَتِهِ السامِيَةِ ذلِكَ كُرْهاً لَهُ بَعدَ أنْ ذاعَ صِيتَهُ وَاشْتَهرَتْ
دَعوَتهُ في قَوْمِهِ فَقاوَمُوه بأسالِيبٍ شَتى
مُتََعرَضِينَ لَهُ في غايةِ الخِطُورَةِ
ومُنتَهى الدِّقةِ..




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 6 )




حَيثُ كانَ
القوْم مِنْ الكَتبةِ وَالشِيُوخ وغيرَهُم مِنْ رُؤَساءِ الشَعبِ اليَهُودِي
وقوادِهِ الذِينَ كانُوا قدْ ألبُوا عِقبْ القبْض عَلى
عِيسى المَسَيح كُلُّ جَمْهُورِ الشَعبِ
اليَهُودِي بمُختلِفِ فئاتِهِ وَطوائِفهِ إلى الحدِّ الذِي أمْكَنَ فيهِ
الحِصُولِ بيَّسْرٍ عَلى مَنْ يَتقدَمَ بشهادِةِ زُورِ لِلمُحاكَمَةِ
الغاشِمَةِ التِي عَقَدَتْ لِعـيسى في حِوارٍ عَنيدٍ
لِلغايَةِ على أنْ يَكُونَ الحِكْمُ قائِمٌ عَلى التَحدِي والسُخْريةِ‏ مِمّا
قرَرُوه اليَهُود وَالصَلِيبيُونَ ضِرُورَة التَخلُص مِنْ
عِيسى
وَدِينِِه،.

ثـمَأصْدَرُوا في اجتِماعِهِم الغاشِمِ أمْراً بأنَ كُلَّ مَنْ يَعثرَ
على عِيسى أنْ يُبلِغَ عَنهُ لِيُلْقوا القبَضَ
عَليهِ،وَأخذَ القومُ في التَجَسُسِ كَخطْوَةٍ تَنفيذيَةٍ لِِّما تمَ إصْدارَهُ
مِنْ ضِرُورةِ القبْضِ عَليهِ،. وَاسْتَعمَلَ اليَهُود في خطْوَّتِهِم الإغراءُ
بالمالِ لِمَنْ يَحصَل عَليهِ.. فأخذَ كُلٌ مِنهُم يَتَسَلل وَسْطَ أتِباعِ عِيسى فَعندَها أوْشَكَ اليَهُود الارتِباط بواحِدٍ مِنْ أصْحابِ
عِيسى الذِين يُلازمُونَهُ لِيَعرفُوا أخبارَهُ مِنهُ بَعدَ الضَغط عَليه وقََدْ دَّلَهُم عَلى عِيسى عَليهِ
السَلام
،.

وَلكِنْ حَدَثَ
لَهُم مَا لمْ يَكُنْ في الحُسْبانِ عِندَما عَلِمُوا
اليَهُود أنَ عِيسى حاضِرٌ في بيْتٍ مَعَ أصحابهِ العَشرَة:
فأمْرَ رَأس اليَهُودُ رَجُلاً اسْمُهُ
(طَيطايُوس) أنْ يَدخُلَ على عِيسى ويَِخرجَهُ
لِيَقتلَهُ، فلَّما دَخلَ عَليهِ بِجَيشِهِ وَمَعَهُ صاحِبُ عيسى الذِي دَّلَهُم
عَليهِ: فشاءَت قدرَةُ الله أنْ يُخرِجَ
عِيسى مِنَ البَيتِ وهُم لاّ يَشْعِرُونَ فألقى اللهُ تَعالى شَبَهُ عِيسى
بالصَحابِي الذِي الذي دَلَّهُـم عَليهِ فَوَقَـَعَ في الفَـخِ بأيدِهِم فظنـُوهُ
هُـوَ
عِيسى وَقَبَضُـوا
عَلَيهِ




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن مَدنيَـة (
7 )




وكانُوا فِيهِ
مِنَ الزاهِدِينَ.
ومَضُوا بـهِ ومَعَهُ عَشرَةٌ مِـنْ
الحَوارينَ إلى بَيـتِ رَئِيسِ
الكَهَنةِ اليَهُوديَةِ المَدعُو
(‏قِِـيافا)‏ هذهِ هِيَّ العَلاماتُ الإلهِيَة التي تَجْعلُ اليَهُودَ الكَفرَة
لَّما قصَدُوا
عيسى عَليهِ
السَلام
لِيَقتلوه رَفَعَهُ اللهُ تَعالى إلى
السَماءِ
حَياً وبَدَّلَ اللهُ
يَقينَهُم إلى
مَكْرٍ فَضِيعٍ
وَهُم لا يَشعِرُونَ. فَوقعَ تَنفِيذ حِكْمُ الإعدام عَلى
شَبيهِ عِيسى فَأخَذوهُوَصَلبُوهُ بِمَحضَرِ حَفلٍ كَبيرٍ وَبأعيُنِ الناس أجَمَعين..
وَلَبَّسُوا الفِتنَةَ عَلى الناسِ أنَ المَصْلوبَ أمامَهُم
المَسِيحُ ابنُ مَريمَ.. ولكِن مَا قتلُوهُ
يَقِيناً بَلْ فَضَّحَهُم اللهُ عَلى مَخازيَّ جُرمِهِم بِمَا اختَلَفوا عَليهِ
اليَهُودُ وَالصَلِيبيُون عندَما عَلِمُوا مِنْ العَشرَةِ
الحَواريينَ المَسجُونِين عِندَهُم قالُوا
لَّما قَتَلتُم الشَخْصُ المُشَبَه بِعِيسى كانَ الشَبَهُ على وَجْهِهِ كامِلاً
وَلَّمْ يَلْقَ عَليهِ شَبَه جَسَدِ عِيسى المَسِيح. فاختَلفَ اليَهُود
وَالصَليبيُونَ على ذلِكَ
الشَبَه؟؟

فقالَ الحَواريُونَ إنْ كانَ هذا عِيسى فأيْنَ صاحِبُنا الذِي دَلَّكُم عَلى عِيسى وَإنَ
كانَ هُوَ صاحِبُنا المَقتُول فأيْنَ عيسى لِكانَ مَعَنا في السِجْن؟؟

فاخَتَلَفَتْ اليَهُود بَعضَهُم وَقالُوا قَدْ وَقعَ الصَلْبُ وَالقتلُ
عَلى
عِيسى مِنْ جِهَةِ ناسُوتَه
وَلاهُوتَه. بِلُغَتِهِم الدارجَة. وقيلَ البَعضُ وَصَلَ القَتلُ إلى اللاهُوت
بالإحساسِ وَالشِعُور لاّ بالمُباشَرَةِ..

وقالتْ طائِفَةُ أخْرى وقَعَ القتلُ
والصَلْب وَقعاً بالمَسِيح الذي هُوَ
جَوْهَرٌ مُتولِد
مِنْ جَوْهَرين: وكلَّهُم قدْ كذَّبَ بالحَّقِ كَما حَكيَّ اللهُ تَعالى عَنهُم
مُخبراً




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 8 )




بِتَصْدِيقِ
ذلِكَ رَسُولَهُ مُحَمدٍ صَلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وَقال (وَمَا
قَتَلُوهُ وَمَا صََلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا
فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ
وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً)(النساء:157)

ولِلبيانِ عَنْ مَعنى هذا الحَدَث الإجرامي الذي ألحَقوهُ
بِعيسى: كانَ عِيسى بِمَنْهَجهِ الأخلاقِي المُسالِم
يُشَكِلُ الخَطَرَ المُحَقَق عَلى دَولَةِ الكُفرِ وَالرِّياءِ والنِفاقِ
المُسَيطِرَةِ على حكُوماتِِ وجَماعاتِ اليَهُود الذِينَ يَحبُونَ الشَهَوات

فَقرَرُوا عَلاقَتَهُم مَعَ (الرُمان) أنْ تَكُونَ قبيلُ القَبْض عَلى عِيسى المَسِيح التي
بَلَغتْ بِهِم ذرْوَةِالتلاقِي والتَعاوُن إلى الحالِ الذِي أصْبَحَ أنَهُ لَمْ
يكُنْ تَرْفضَ اليَهُودُ مِنْ طلبٍ في خِدمَةِ الوجُودِ
الرَومانِي
. فَاعتَبرَتْ هذهِ العلاقة مَثلُ ‏الحِوار الذِي تـَمَ بينَ
الوالي الرُومانِي‏ (‏بيلاطس)‏‏ وبَينَ القوَةِ الثائِرَةِ
الساخِطَةِ اليَهُوديَةِ مِما عَقدُوا مُؤتَمَراً يَطلِقُهُلهُم الوالي الرُوماني بمُناسَبَةِ عِيدَهُم وهُوَ اليَوْم الذي يَفرحُوا
بِـهِ عِندَ قَتلِهِم المَسِيح عِيسى أبنُ مَريم.. وَكَما وَردَ في الأحاديثِ
الشَريفة أنَ عِيسى عَليهِ السَلام قبَلُ
قِيامِ الساعَةِ يَنزُل مِنَ السَماءِ وبِيَدهِ حُكْماً عَدلاً يَحكِمُ بشَريعَةِ
الإسْلام. كَما
قالَ النَبيُ مُحمَد صَلى اللهُ عَليهِ
وآلِهِ: والذِي نَفس بيدَهِ لِيُوشْكَنَ أنْ يَنـْزلَ فِيكُم ابـنُ مَريمَ حُكْماً
عَـدلاً فيكْسُر الصَلِيب. ويَقتل الخِنزير. ويَضع الجِزيَة. ويَفِيض المال حَتى لا
يُقبَلَهُ أحدٌ..

وأمّا الثانِيَة/ كَما وَرَدَ في الأحادِيثِ
الشَريفَةِ نزُولَهُ مِنَ السَماءِ الرابِعَةِ إِلى




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 9 )




الأَرضِ عِندَ اقتِرابِ الساعَةِ
كَهْلاً ابنُ الخَمْسِينَ سَنة يُكلِّم أُمَةَ مُحَمدٍ مَعَ
ظهُورِ المَهْدِي المُنتَظر سَلامُ اللهِ عَليهِ. بَعدَما
مُلِئَتْ الأرض جَوْراً بأهلِها فَيَملَئُوها مَهدِيُّها قِسْطاً وَعَدلاً..

(وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)
خِطابُ الله تَعالى إلى
المَسِيحِ
عِيسى ابنُ مَريمَ والمُرادُ هُنا مِنْ مَعنى
التَطْهِيرِ في هذِهِ الآيَةِ خصُوصاً هُوَ
لَيْسَ التَطهِيرُ المَقصُود بالعُصْمَةِ مِنَ الرِّجسِ: أو التَنزُّه وَالكَفُّ
عَن الإِثمِ ومّا لا يَجْمُل وإنَما هُوَ إنقاذ ُ
عِيسى مِنَ الكُفارِ اليَهُود وَالصَليبينَ
الذِينَ تَآمَرُوا بقَتلِهِ وَعَنْ مَا وَجَهُوا إليهِ التُهَمِ بأدناسِهِم
الباطِلَةِ ساعِينَ بإبعادِهِ وَإسقاطِهِ عَنْ دِينِهِ،. فنَصَرَهُ اللهُ تَعالى
وَنَصَرَ دِينهُ الذِي ارتَضاهُ لَهُ. ورَفَعَهُ

حَياً
إليهِ ذِلِكَ تَطهِّراً لَهُ مِنْ تِلكَ التُهَمِ التي
ألصَقُوها بِـهِ اليَهُود الظالِمينَ..

(وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ
فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا)
أخبَرَ اللهُ تَعالى نَبيَّهُ
المَسِيح بَعدَ رَفعِهِ إلى
السَماءِ
حَياً وَبشَّرَهُ عَنْ
أتباعِهِ الذِينَ سَوَفَ يَمْضُونَ في طريقِ الدِينِ الذِي اختارَهُ لَهُم عِيسى:
فَعَلِمَ اللهُ عَزَ وَجل بِسابِقِ عِلمِهِ
بالحَوارينَ سَوْفَ يُسَيطِرُونَ على
اليَهُودِ الذِين تَآمَرُوا على عِيسى وهذِهِ مِنْ تَنبُؤاتِ القرآن الغيبيَة التي
تَخْبِرنا مِ
مَن يَتَّبِع شَرائِعِ عِيسى المَسيحفي
دِينِهِ يَهْبِطْ بـهِ كِتابُ الإنْجِيل على رِياضِ الجَنةِ، ومَنْ يَتَّبِعْهُ
الإنجيل يَزُخ في قَفاه حَتى يَقْذِفَ بـهِ في نارِ جَهنَمَ.
. فاتَضَحَ لَنا
أنَ مُقَدَمةَ الآيَة تَدلُ على بِشارَةِ الله إلى عِيسى
بأتباعِهِ الذِينَ قَدَمُوا الانتِصارات في الحَياةِ الدُنـيا. وَيَندَرج فـي




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 10
)




الآيَةِ أمَة مُحَمدٍ الذِينَ
آمَنُوا بالرُسُلِ وَلمْ يُفَرقُوا بَينَ أحَدٍ مِنهُم.. وَوْعَدَ اللهُ تَعالى اليَهُود في خِتامِ الآيَة: وَقال (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثـُمَ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ
بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)
يَعني: أنَ المَحكَمَةَ
النَهائِيَة جُعِلَتْ لإدانَةِ المُشْركِينَ اليَهُود المُتآمِرينَ على عِيسى سَتَكُون بِالنَيلِ مِنْ جَزائِهِم الكامِلِ الذِي
دَفَعَهُم دَنَسَهُم الباطِل إلى عَذابِ النارِ وَبِئْسَ المَصِير: ولكِن هُنا
نَجِد مَحكَمَةٌ أخْرى غَيرُ التي تُجازي المُعتَدِينَ وإنَما هِيَّ التي تُنَزِّل
العِقاب على المُشركِينَ وَقولَهُ تَعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ
كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)
أي: الذينَ كَفرُوا بنبوَّةِ عِيسى وهُم فَريقان فريقٌ ادَّعى أنَهُ
إلهٌ عَليهُم: وفريقٌ ادَّعى أنَّ
أمُهُ زانِيَة فَوَلَدَتهُ وقالُوا إنَهُ ابنُ الباغِيَة: يَعني أنَ نَتِيجَةَ مَا
تَشِيرُ هِذهِ المَحاكَمَةٌ السَماويَة لِهؤلاءِ الكافِرينَ
والمُعارضِينَ
لِدَعوَةِ عيسى سَيُلاقُونَ في الآخِرَةِ مِنَ العَذابِ الألِيمِ الذِي لَيسَ هُوَ مِثلُ ما يُلاقونَ في
الدُنيا مِنْ بَلاءِ الشَّرِ العَظِيم بِيَدِ أتباعِ عِيسى
اللَّذِينَ فَوَقَهُم اللهُ تَعالى عَليهُم.. والآيَةُ شِمُولِيَة سيَبْقى العَذابُ عَلى مَنْ اتَبَعهُم فِي الدُنيا على الشَّرِ حَتى يَوْم
القِيامَةِ (وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) ولَّنْ
يَكُون لأيِّ مِنهُم حُسْن المََعُونَة مِن حامٍ وَلا نَصِيرٍ عَنْ حِلُولِ العَذابينِ في الدُنيا والآخِرَةِ على رَدِّ
حَتمِ القَضاءِ المَفرُوضِ مَا وَعدَّهُ اللهُ العزيزُ الغالِبُ القَويُّ الذِي لا
يُغْلَب: وهذا لا يَتَنافى مَعَ قَولِ اللهِ بأنَ المُناصِرينَ الذِينَ نُشاهِدَهُم الآنَ قَـدْ ناصِرُوا اليَهُودَ
بأنَهُم ناصِرٍين لَهُم بَلْ هُم أعداءٌ لأعداءٍ يَتَسانَدُونَ




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 11 )




بالمَعُونَةِ بَعضَّهُم لِبَعضٍ
بالظُلْمِ والعِدوانِ.. فإنَ اللهَ يُمْهِلُ وَلا يُهْمِل فلابُدَ لِليَومِ الذِي
فِيهِ حَتمُ القَضاء عَلى اليَهُودِ وَمَنْ اتَبَعَهُم. وبإذنِهِ
تَعالى سَيكُون
الدِين الإسْلام
وبدَولَةٍ واحِدَةٍ في العالَمِ كُلِهُ يَتَحَرر على يَـدِ
المَهْدِي المُنتَظر صَلواتُ اللهِ وَسَلامُهُ
عَليهِ..

(وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ)
بَلْ قرَنَت هذهِ الآيَة الإيمانُ بالعَمَلِ الصالِحِ، وَهذهِ إشارَةٌ بأنَ الإيمانَ وَحدَهُ لا يَكفِي بالفَوزِ إلى
الجَنَةِ فلابدَّ أنْ يَقتَرِنَ بالعَمَلِ
الصالِحِ لِنجاتِهِ.. لأنَ الإيمانَ إظهارُ الخِِضُوع والقبُول
للشَّريعَةِ سَواءُ كانَت في زَمَنِ الأنبياءِ. أوْ لِما أَتَى بـهِ النبيُّ صَلى
اللهُ عليهِ وآلِهِ. واعتقادُهُ وتَصدِيقُهُ بالقلبِ، فمَنَ كانَ عَلى هذهِ
الصِّفةِ فهُوَ
مُؤْمِنٌ غيرُ
مُرْتابٍ: أي هُوَ الذِي يَرى أَداءَ الفَرائِضُ واجبٌ عَليهِ لا يَدخِلُهُ في ذلكَ
شَك: وكذلِكَ
الإيمانُ ههُنا
الإجارَةُ: والأَمَانةُ والأَمَنةُ نقيضُ الخيانَةِ لأَنَ العَبدَ إذا كانَ
مُؤمِناً يُؤْمَنُ أَذاهُ
بالعَمَلِ
الصالِحِ لأخيهِ. لأنَ
الأََمان يَقعُ على الطاعَةِ وَالعباِدَةِ والوَدِيعَةِ والثِقةِ وقـدْ جاءَ في
كُلِّ مِنها حَدِيث..

ومَعناهُ أَنَ الرَجُلَ المُؤمِنَ إذا عُرِفَ
بأمانَتِهِ كَثـُرَ مُعامِلُوهُ فصار ذلكَ سَبباً لِعَمَلِهِ الصالِحِ فَيَرتَفع غِناه بَينَ إخوانِهِ ولاّ يَترك اللهُ لَهُ
أثراً مِنْ عَمَلِهِ..

(وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ(57) الآيَةُ ناظِرَةٌ إلى
جَميعِ مَعانِي الكُفرِ والأعمالِ السيّئةِ والعِدوانِ داخِلَةٌ في مَفهُومِ الظُّلْمِ وَهُُوَ
الشِركُ بِعَينِهِ: ومَعناهُ واللهُ لا يُحبُّ
المُشْركِينَ: والدَلِيلُ في قَولِـنا هُوَ
مَعنى تَأوِّيلَهُ مِنْ باطِنِ القـُرآنِ




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 12 )




(وَإِذْ قَالَ
لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ
الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(لقمان:13)
الشِركُ هُوَ اسْمُ الظُّلْم الحَقِيقي الذِي يَقوم مَقام المَصْدَر
وَهُوَ ظالمٌ وَظَلُوم: والآيَة تُبَين أنَ اليَهُودَ هُم
الظالِمُونَ المانِعُونَ أهْلَ
الحُقوقِ حُقوقَهُم مِنْ
الأنبياءِ وَالناسِ أجمَعِين..

(ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ
وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)
الخِطابُ للنَبيِّ مُحَمدٍ
صَلى اللهُ عَليهِ وآلِهِ
وتَذكِيرَهُ عَن قِصةِ مَريم وَعيسى إنَها مِنْ آياتِ اللهِ تَعالى الكُبْرى في
الذِكْرِ
الحَكِيم: أي القرآنُ
الكَريم وهُوَ مَصْدرُ اسْمُ
الذِّكْرَى كَما وَردَ في قَولِهِ تَعلى (وَذَكِّرْ فَإِنَّ
الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذريات:55)
يَعني
مازالَ الذِّكرُ في
اللِسانِ يَظهِرُهُ القَلْب فلا يَنساهُ. فكأَنَ قولَهُ تَعالى مَنْ
تَذّكرَ إِنمَا هُوَ عَلى ذِكُرَ: وإِنْ لمِ يَلفظَ بالقرآنِ ليْسَ هُوَ
عَلى
ذَكِرَ، لأَنَ أَلفاظَ
فِعلُ التَعجُبْ إِنمَا هُوَ مِن فِعْلِ الفاعِل لاّ مِنْ فِعْلِِ المَفعُولِ..

والمُرادُ مِنَ الذِكْرِ كانَتْ الأَنبياءُ عَليهُم السَلام إِذا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ فَزِعُوا
إِلى
الذِكْر وَهُوَ الصَّكُّ
لَهُم فَيَتَجِهُونَ إِلى الصَلاةِ فيصَّلُونَ، وَفي يَومِنا هذا
الذِكْرُ هُوَ قِراءَةُ القرآن وَالتَسْبيح
والدُعاء وَالشُكْر والطاعَة. أو هُوَ ما يُرادُ بهِ تَمْجِيد الله تَعالى
وَتقدِيسَهُ وتَسْبيحَهُ وتَهْلِيلَهَ والثناءُ عَليهِ بجَميعِ مَحامِدِهِ
وبأسْمائِهِ الحُسنى قَـدْ تَفلَح الفوْز في الجَنةِ..

وهذا
دَلِيلٌ بِمَعناه وقولهُ تَعالى (وَلَذِكْرُ اللَّهِ
أَكْبَرُ)(العنكبوت:45)
الذِكْرُ هُنا فيهِ وَجهانٍ: أَحَدهُما أَنَ ذِكْرَ اللهُ تَعالى إِذا ذكَرَهُ العَبد
المُطِيع فَهُوَ خَيـْرٌ لَـهُ
من
ذكِرِ الإنسانِ لأخِيهِ، وأمَّا الوَجْهُ الآخَر أَنَ
ذِكْرَ اللهُ عَزَ وَجَل يَنهى عَنِ الفَحشاءِ
وَالمُنكَرِ أَكثرُ مِما تَنْهى الصَلاة بِذلِك..




ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Clip_i10



آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 13 )

وَقولَهُ
تَعالى
(فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ
مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ
وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ
فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ
إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) فَإِنْ
تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63) قُلْ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا
نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا
بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا
بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)

ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي Clip_i10




[size=25]تَفسِـــــــير:
[/size](فَمَنْ
حَاجَّكَ فِيهِ)
الهاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلْ مِنْ
كَلِمَة (فِيهِ) عائِدَةٌ عَلى ذِكْرِ عِيسى بنُ مَريَم : فَمَّنْ جادَلَكَ يا مُحَمَد فِي عِيسى مِنْ وَفدِ نَصارى نَجْران وَهُم المَسِيحِيُونَ مِنهُم الكَاهِنُ
وَالسَيِّد وَمَنْ مَعَهُما مِنْ كِبارِ القَوْمِ. وَكانَ عَلى رَأسِهِم أبُو
الحارثُ
أَسْقَف: فَقُلْ
لِهؤلاءِ (مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ)
لِتَخْبِرَهُم بالحَقِّ النازِلُ إلَيكَ عَنْ
عِيسى. فإنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لأُنْزِلَ
عَليْهِم
اسْتِحقاق غَضَبِي مِنْ حَيثُ لاّ تُفارقََهُم اللَّعنَة. وَلاَّ
يُخَفَف عَنهُم العَذاب وَلاّ هُم يُمْهَلُونَ..
وَفِي ثَمَةِ يَومٍ قالَ أبُو الحارث
إلى خازِنِ أسْرارِهِ دَعوتُكَ ياشُرحَبيلُ لأمْرٍ قَـدْ




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 14
)




أراعَنِي
وَأفزَعَنِي أرَقاً مّااسْتَطَعتُ أنْ أنفَردَ بِهِ أوْ أسْتَقِلَ برَأيِّ فِيهِ
فَجاءَنِي اليَوْم كِتابٌ مِنْ مُحَمدٍ أبْنُ عَبد اللـَّهِ يَدعُوَّنِي فِيهِ
لِدِينِ يُسَّمِهُ الإسْلام.. ثَمَ خَيْرَنِي فِيهِ بَيْنَ اثنتَيْنِ أنْ أُبَيْتُ
بَيْنَ
الجِزَيَةِ أوْ
الحَربِ فَذُعِرْتُ مِمّا
تَوَعَدَنِي




وَلاّ أدري
مّاذا أفَعَل بِرَّدِ كِتابِهِ: فَقالَ لَهُ شُرحَبيل إنِي قََـَدْ عَلِمْتُ مّا
وَعَدَ اللهُ بِمُحَمدٍ مِنْ النبُوَّةِ في ذِريَةِ إسْماعِيلَ فإنَهُ أمْرٌ
سَماوِّيٌ فَلِمّا لاّ تُؤمِن إنَهُ الخاتَمُ للنُبُوَةِ أنْ تَتَبِعَهُ. أوْ
يَكُونَ بِخِلافِهِ دَفع
الجِزيَة أمْ الحَرب.
فَرَمى عَنْ قََوْسِ كَلامِهِ وَصَرَفَهُ..

ثـُمَ دَعا إليهِ آخَرٌ يُريد
الاسْتِعانَةَ بِهِ فَمّا زادَ في كَلامِهِ حَتى أَجابَ مِثلَمّا قالَ لَهُ
شُرحَبيل: ثـُمَ دَعا إليهِ ثالِثاً مِنْ كِبارِ قَوْمِهِ: فقالَ هكَذا ما وَعَدَ
اللهُ بِنُبُوَةِ مُحَمدٍ ابْنُ عَبدِ الله. فَلَّمّا رآهُم قَـَدْ اسْتَقامُوا فِي
رَأيهِم بأنَ مُحَمَداً هُوَ الخاتَمُ للنُبُوَةِ دَعاهُ وَقوْمَهُ لِلإسْلام:
أمَرَ بالنَواقِيسِ أنْ تُدَقَ إيذاناً بالدَعوَةِ وَإعلانَاً لِلإتِمارِ عَلى أنْ
يَذهَبَ وَفـْدٌ مِنْ الكَهَنِةِ وَالأحبارِ إلى لِقاءِ مُحَمَدٍ يُحاجُوه
وَيُجادِلُوه فِي دِينِهِ بَعدَ أنْ أعلَنَهُم بِكِتابِهِ وَفاوَضَهُم فِيمّا
يَفعَل. فبَّيَنَ لَهُم وجُوه الأمْرِ
بأنْ لاّ يَذعَنُوا إلاّ لِمَنَ
تَبَعَ دِينَهُم خِشْيَةً أنْ يُدعى مُحَمدٌ أنَهُ أُوتى مِنْ رَبِهِ مِثلُمّا هُوَ
عِندَهُم فِي دِينِ المَسِيح، فَتَجَمَعَ لَفِيفَهُم عَلى قِداحِ
الرَّأي الواحِد
في رَدِّ كِتابِ النَبِّي وَإبعادَهُ
عَنهُم دُونَ الجِزيَةِ أوْ الحَرب. وَمّا انتَهُوا إلى أنْ يَذهَبَ وَفـدٌ مِنهُم
إلى لِقاءِ مُحَمَدٍ لِيُحاجُوه فِي عِيسى
(ع) فَلَمّا دَخَلُوا مَسْجَد رَسُول اللهِ صَلى اللـَّهُ عَليهِ
وَآلِـهِ.. قالَ شُرحَبيل صاحِب




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 15
)




كَلِمَتَهُم: يا
مُحَمَد لَقدْ عَلِمْتَ إنَنا نَصارى بَنِي نَجْران: وَلكِنْ نَسألُكَ إنْ كُنتَ
نَبِّياً لِلأمَةِ جَمْعاء أنْ نَسْمَعَ مِنكَ ما تَقول: فَهَلْ رَأيْتَ وَلَداً
مِنْ غَيْرِ ذِكِرٍ وُلِدَ فقالَ: صَلى اللـَّهُ عَليهِ وَآلِهِ: لَيْسَ عِندِي
مِنْ شَيءٍ أخْبِرَكُم بـِهِ عَنْ
عِيسى فأقِيمُوا عِندِي هذِهِ اللَّيْلَةَ حَتى أخْبِرُكُم بِمّا يَقُول
الوَحِي فِي عِيسى. وَبَينَمّا هُم كَذلِكَ. فنزَلتْ بِحَقِّ
عِيسى آيَة: وَقوْلَهُ تَعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ
تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
فقرَأُها النَبِّيُ الأكْرَم عَليهِم وَالمَعنى إنَها نَزَلَت رَداً
عَلى بَنِّي نَجْران حِينَ اتَهَمُوا
عِيسى إلهاً لَهُم مِنْ دُونِ اللهِ وَهِيَّ تَذكِرَةٌ بأنَ المَسِيحَ بنُ
مَريمَ هُوَ إنسانٌ وُلِدَ وَعاشَ كَبقِيةِ الناسِ وَلاّ يُمْكِنُ أنْ يَكُوَنَ
إلهاً لَهُم، فَسْتَدَلَ بَنُو
نَجْران بِشَأنِ إلُوهِيَةِ
عِيسى رَبَّهُم.
وَالبَعضُ قالَ إنَهُ ابْنُ الله وُلِدَ مِنْ غَيرِ أبٍ..
فَضَربَ اللهُ مثَل عِيسى بخَلْقِ
آدَم بصُورةٍ أعَجَب لَعَلَهُم يَهتَدُون. وَكانَ أمْرُهُ صَلى اللهُ
عَليهِ وَآلِهِ أنْ يَقولَ لَهُم:
أنَ شأنَ عِيسى فِي خَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ
أبٍ كَشَأنِ آدَم فِي خَلْقِهِ مِنْ تُرابٍ مِنْ غيْرٍ أُمٍ وَلاّ أَبٍ. فقَد صَوَّرَهُ الله
وَأرادَهُ أنْ يَكُونَ نَبِِّياً فكانَ بَشَراً سَوِّياً.. فَكَيْفَ تَزْعَمُونَ أنَ عِيسى ابْنُ الله مِمّا يََسْتَدعِي العَجَبُ بَينَكُم عَكْسُ ما
تَتَذكَرُونَ آدَم خُلِقَ
مِنْ تُرابٍ. أفلا تَنظِرُونَ
إلى المَيْسُورِ وَالمَعسُورِ وَالعَقـِيمِ وَالسَلِيم إنَهُـم لاّ يَتَحَقَقُونَ
إلاّ عَلى إرادَةِ اللهِ تَعالى وَقولَهُ (إِذَا أَرَادَ
شَيْئاً أَنْ يَقولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(يّس:82)
وَبِهذا أرادَ اللهُ
سُبْحانَهُ أنْ يَخْلُقَ
عِيسى
بِكَلِمَةٍ مِنهُ (قَالَ لَـهُ كُنْ فَيَكُونُ) (59)
يَعنِى: مَنْ كانَتْ قدرَتَهُ مُطلَقَةٌٌ




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 16
)




في التَخْلِيقِ
فلاّ مَفهُومٌ لِلصَعبِ وَالسَهْلِ بالنسْبَةِ إلى اللهِ عَزَّ وَجَل أنْ يَخْلُقَ
عِيسى مِنْ عَذراءٍ تَحمِلُ
وَتَلِدُ مِنْ دُونِ الاتِصالِ الجِنسِي وَنفُوذِ الحَيْمَن فِي البُوَيْضَةِ (كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ)

وَالمُرادُ مِنْ خَلْقِ عِيسى كَمَثَلِ آدَم مِنْ
تُرابٍ: فإنَ
تُرْبَةَ الإِنسانُ
هِيَّ رَمْسُهُ وَتُربَةُ الأَرض ظاهِرُها. وَرَمَسْتُ المَيْت دفنتُهُفهُوَ
مَرْمُوسٌ بِقَبْرِهِ مُسْتوِّياً مَعَ وَجْهِ الأَرضِ، كَمّا وَردَ ذلِكَ فِي
قَوْلِهِ تَعالى
(مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا
نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى)طه55)
فَهذا هُوَ (الْحَقُّ) يا مُحَمَد (مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) الخِطابُ هُنا
لاّ يُعتَبَر تَهْديدٌ لِلنَبِّي. إمّا أنْ يَكُونَ مِنْ بابِ تَذكِرَةً لِزيادَةِ
الثَباتِ لَهُ عَلى هؤلاءِ المُمْتَرين. لأنَهُ صَلى
اللهُ عَليهِ وَآلِهِ مَعصُومٌ مِنَ الامْتِراءِ.
وَالمَعنى فِيهِ إنَهُ مُتَوجِهٌ كَمّا فِي نَظائِر
قَوْلِهِ تَعالى إلى أُمَتِي مُحَمدٍفِي النَهِي عَنْ
الشَكِ وَالارتِيابِ أنْ لاّ يَتَبِعُوا أهْواءَ الذِينَ
كَفرُوا مِنْ أهْلِ الكِتابِ وَالمُشْركِينَ المُتَمَردِينَ فِي كِتمانِهِم الحَقّ
مَعَ العِلْمِ بِهِ مِنَ الامْتِراءِ فِي دافِعِ اليَقين..

وَالمُرادُ مِن
مَعنى الآيَة:
أنْ لاّ يَكُونَ المُسْلِمُ مِنْ أمَةِ مُحَمَدِ كَصِفَةِ
المُمْتَري الكافِر وَهُوَ الشاكُ بِدافِعِ اليَقِين
المُجادِل لِيَسْتَخرِجَ مّاعِندَ خَصْمِهِ مِنَ القوْلِ وَالبَينَةِ فِي إبطالِها.
وَقَدْ تَصَلَبَ بَنِي نَجْران فِي العَنادِ عَلى بطْلانِ
بَراهِينِ النبيِّ مُحِمَدٍ بعدَمّا أقامَ عَليْهِم الحِجَةَ بِأنَ
عِيسى عَبْدٌ للهِ وَرَسُولِهِ المُبَلِغ
لِرسالَتِهِ السَماوِّيَةِ كَسائِرِ غَيْرِهِ مِنَ الأنبياءِ..




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 17
)




وَالآيَة نَزَلَت تِأكِيداً
لِرَدعِهِم فِي شِرْكِهِم باللهِ (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ
العَزيزُ الحَكِيم)
أَيْ: لاّ أحَدٌ يُعادِلُهُ وَيُساوِّيه فِي القُدرَةِ
وَالحِكْمَةِ لِيُشاركُهُ فِي الألُوهِيَةِ..

وَنُقِلَ عَنْ
بَعضِ عُلماءِ الرُوم
فقالَ يا بَنـُو نَجْران: لِمَ تَعبِدُونَ عِيسى؟
قالُوا
لأنَهُ لاّ أَبٌ لَهُ: قالَ فآدَمُ أوْلى لأنَهُ لاّ
أبَوَّين لَهُ. قالُوا كانَ يُحيِّي المَوْتى. قالَ فَحزقِيلُ أوْلى لأنَ عِيسى أحيَّا
أرَبَعَةَ نَفرٍ وَحزقِيل ثَمانيَةَ آلافٍ. فَقالُوا كانَ يُبْرئ الأكْمَه
وَالأبْرَص. قالَ فَجُرْجِيسُ أوْلى لأنَهُ طُبِخَ
وَأُحرِقَ ثُمَ قامَ سالِماً
..

ثُمَ أمَرَ اللهُ رَسَولَهُ مُحَمَد بتَوْبِيخِهِم عَلى اسْتِمْرارهِم عَلى
الكُفْرِ وَالضَّلالِ وَالتَضْلِيلِ: وَقالَ (فَإِنْ تَوَلَّوْا
فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ)
ثُمَ أكَدَ لَهُم النَبِّيُ
الأكْرَم ظلْمَهُم بالصُورَةِ الأعجَب مَثَلُ عِيسى خُلِقَ كَآدَمٍ مِنْ تُرابٍ.
فَوَضَعَ لَهُم المَظْهَر مَوْضِع المُضْمِر وَقالَ سَوَفَ يُنزِل الله تَعالى
بِكُم العَذابَّيْنِ وَأنتُم تَعرفُونَ أنَ عِقابَ الله فِي الدُنيا عَلى مِثْلِ
هذا الفَسادِ عَظِيم إذا مَا لَمْ تَأتُوا إلى كَلِمَةٍ
عادِلَةٍ سَواءٍ. وَمِنْ ثُمَ يُؤتِكُم العَذابُ العَظِيم بِسَبَبِ كُفرِكُم بآياتِ
اللهِ فِي اليَوْمِ الذِي تَسْوَّدُ بالحُزنِ وجُوهِكُم. وَتَبْيَضُ بالسِرُورِ
فِيهِ وجُوه المُؤمِنِينَ وَلَهُم الجَنَةَ التِي وَعَدَهُم اللهُ بِها هُم فِيها
خالِدُون..

فَأعرَضُوا عَنْ
النبِّي بَعدَ أنْ تَلاّ عَليهِم البَراهِينُ المُؤكَدَة طالِبينَ دِيناً غَيْر
دِين مُحَمَدٍ لِيَزدادُوا جِحُوداً وَفَساداً وَإيذاءً لِلمُؤمِنِينَ.. ثَمَ أخبْرَ اللهُ تَعالى رَسُولَهُ أنْ
يُباهُلَ
نَصارى نَجْران (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا
وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثـُمَّنَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ
اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)




آل عمران
الجزءُ الثالث من القرآن
مَدنيَـة ( 18
)




المُباهَلَةُ هِيَّ المُلاعَنَةُ. وَاللَّعنَةُ هِيَّ الإبْعادُ
عَنْ رَحمَةِ اللهِ وَالمَقصُودُ مِنْها أنْ يَجْتَمِعَ القَوْمُ إذا اختَلفُوا فِي
شَيءٍ فيَقولُونَ لَعنَتَ اللهِ عَلى الظالِمِ مِنّا..

وَكانَ سَبَبُ نِزُولَ هِذِه الآيَة
المُبارَكَة: أنَ وَفـدَ نَصارى
نَجْران حِينَ قدِمُوا مَدِينَة رَسُول اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ:
جَعَلُوا يُجادِلُونَ الرَسُول فِي نَبِيِّ اللهِ
عِيسى عَليهِ السَلام وَيَزعَمُونَ فِيهِ ما
يَزعَمُونَ فِي إلُوهِيَتِهِ
إنَهُ رَبٌ لَهُم..

فَدَعا
النَبِّيُ
العاقِب وَالطَّيْب
إلى الإسْلام: فقالا أسْلَمْنا يا مُحَمَد قبْلَ دَعوَتِكَ التِي دَعَوْتَنا بِها
لِلإسْلامِ: قالَ النَبِّيُ كَذَبْت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ياعيسى إِنِّي مُتوَفيكَ ورافعُكَ إِلَيَّ ومُطَهرُكَ: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لسان الشيعة الخاص في تفسير القرآن سماحة العلامة الشيخ الحجاري الرميثي يقدم تفسير الآيات القرآنية
»  تفسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي للحلقة 43 و44 لقصة يوسف ع
» تفسير سورة الفاتحة للعلامة الباحث المحقق الشيخ الحجاري الرميثي من العراق
» أفضلُ تفسير نزلَ في هذا العصر لآيـة المباهلة للعلامَة الشيخ الحجاري الرميثي
» أفضل تفسير لمذهبنا معراج النبي فكان قابَ قوسَين أو أدنى للعلامة الشيخ الحجاري الرميثي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات صوت الشيعه الناطق للشيخ الحجاري الرميثي :: القسم الاسلامي :: قسم تفسير القرآن للشيخ الحجاري الرميثي معَ مُجلد كشف الروايات الاسرائيليه المدسوسة في كتب الشِعة والسُنة-
انتقل الى: