((بِسمِهِ تَعالى))
إنَما لَيسَ كُـلُّ مَنْ دَرَسَ نَفـعَ وانتَفَع واتَخَـذَ مِنْ جُهْدِهِ عِلْماً يَسِيراً
وَلا الدرُوسَ وَحدَها تُعطِي العِلُومَ مَنازلُها حَتى وإنْ كانُوا بَعضُهُم
لِبَعضٍ ظَهِيـراً: إنَما المَوهُوب يُـبيِّنُ بِالقَلَـمِ مَراتِبها ويَكشِـفُ عَـنْ
مَكنُونِ صُوَرِها ويَجنِي صِنوفَ ثَمَرها ويَدلُّ على سَرائِرها ويُبْرِزُ
أسْمى ضمائِرُها ويَتعَلق بِظواهِرِها وبَواطِنها ذلِكَ مِـنْ فضْلِ اللـَّهِ
كانَ عَليهِ كَبيراً، فَمَنْ أرادَ العِلْمَ عَجَلَ اللـَّهُ ما يَشاءُ بِـهِ لِمَنْ يُريـد
سَعيَهُ فِيـهِ وَما كانَ عَـطاءُ رَبـِكَ مَمنـُوعاً على مَـنْ اسْتطاعَ سُبـْلَ
السَلامِ بأكْثرِ نَفِيـراً, فانظـُر كَيـْفَ فَضَـلَ اللـَّهُ الناسَ بَعضَهُم علـى
بَعضٍ فَجعَلَ على قلوبِ الذينَ أرادُوا العاجِلَة أكِنـَةً لا يَفقهُونَ شَيئاً
وَلا هُـم يَسْمَعُونَ لِمَـنْ كانَ لِرَبِـهِ شَكُـوراً, أهـْؤلاءُ يُحبُـونَ الحَياة
الدُنيا لَبئْسَما اشتَـرُوا بِها أنفـُسَهُم وَتـَركُوا وَراءَهُم يَـوماً عَسِيـراً
والذيـنَ أرادُوا سَعـيَّ الآخِـرَة أمَـدَدَّ اللـَّهُ في أذهانِهِم عِلْماً فَجَعلَـهُ
بَينَهُم وبَينَ الذينَ لا يُؤمِنـُونَ حِجاباً مَسْتـُوراً, وَما كَـتبْنا في هـذا
القرآنَ لِلناسِ مِنْ كُلِّ شَيءٍ في أحسَنِ مَقِيلاً لِلشاكِرينَ وَما أبُوا إلا
الذينَ عايَشناهُم وَما زادَهُم جَهْلَهُم عَلينا إلا طـُغياناً كَبيراً, فَمَنْ ذا
الذي يُبيّن العِلـُوم لِلمُحصل ويُقررُها فـي نَفـسِ المُتأمِّـل ويَجعَلَـهُ
إنساناً بَصِيـراً, هَلْ يَستَوي الدارسُ أمْ المَوهُوب الذي قَطَعَ طَـرفاً
مِـنَ الذيـنَ دَرَسُوا فأكْبَتَهُـم حُـزْناً لا يَسْتَطيعُونَ أنْ يَكتِبُـوا حَـرفاً
بِمْثلِهِ مَهْما بَتَـرُوا بِعلِـوِّ شَأنِهِم تَبْتِيـراً, أيُ شَيءٍ أكْبَـرُ دَرَجَةً عِلْمُ
اللـَّه لِعَبدِهِ أمْ قرطاسٌ كُتِبَ فَلَمَسُوهُ بأيدِيهِم وَصَدقوهُ ما ظَهَرَ وَما
بَطـَنَ فِيـهِ فانشَـقَ الفَرقيـنِ كُـلٌ مِنهُـم يَصِيـح هــذا الأعمْـى وَذاكَ
البَصِير وَما يُقَدِرُهُ إلا الله إنَهُ بِعَمَلِ عِبَادِهِ خَبيراً بَصِيراً,,
أفَمَنْ وَعَدناهُ وَعداً صادِقاً فَهُوَ لاقِيهِ لا بِحرُوفٍ كَمِثلِ هـذهِ لِتَكَمِن
الصِراع ولكِـنَ الصِراعُ كَمَنْ كاتَـبْناهُ إنْ عَلِمَ فِيهِ خَيراً ما كاتَـبْناهُ
في بِحُـوثٍ تَكْمِـن الاجتِـهاد فَلْيَعلـن عَـنا إنْ كـانَ هُـوَ لِلحَـقِ مُـعلِناً
ظَهَيراً, فَمَنْ جاءَ بالخَيرِ فَلَهُ خَيرٌ مِنهُ عِندَ اللهِ وهُوَ مِنْ فـَزَعِ يَوم
القِيامَةِ لَفي أمْنٍ لَعَلي فِيما أعلَمناهُ أنْ أكُ عِندَ رَبي صادِقاً طَهُوراً
فإنْ تَـوَلـُوا بَعـدَما تَبَيَّـنَ فـي أذهانِهـِم الحَـق فإنَما هُـم فـي شِـقاقٍ
فَسَيَّكْفِيهُم اللهُ بـِما أوفِيَّت كُـلُ نَفـسٍ ما كَسَبَت مُحضَرَةً عَنـدَ رَبِّها
إنَ رَبّكَ كانَ بكُلِّ شَيءٍ عَلِيماً بَصيراً,,
***********************
فالمَوهِبَةُ الإلهِيَة هِيَّ التِي تـُقسِّم حظوظَها مِنَ الاسْتِحسان وتَعدّل
القِسْمَةَ بصائِـبِ القِسْطاسِ والمِيـزان، وَبـهِ أبانَ اللّهُ تَعالى وَقـال
خَلَـقَ الإنْسَانَ عَلَّمَهُ البَيَانَ, فلَوْلا البَيانُ لوَقعَ الحَيُّ الحَسَّاس فـي
مَرتبَةِ الجَماد, فَأكُمِـلَ بِـهِ الإدراك الحِسِي, ونَضَـجَ العَقـْلُ فَعُــرفَ
الكُفر منَ الإيمانِ, والإساءَةُ مِنَ الإحسانِ, وَلا شَك أنَ تَوكِيدَ القُوَة
يُوَلِد القـُوَة إذا دَرَسْت لأقنِعَ الذينَ يَسخَرُونَنا: ولكِن أنا لَيـسَ مِـنَ
الرجالِ الذيـنَ يُواجِهُونَ الإخْفـاقِ فـي بِدايَـةِ حَياتِهِـم العِلمِيَـة مِما
يَتَفقدُونَ اعتِداد قـوَة ذواتِهم بالغَيْـر, فهؤلاءُ لا يُؤمِنُونَ بقدراتِهِم
الشَخصِيَة فهُمُ الأضْعَف وإنْ بَدُوا أقوياء,وَلا أنا مِمَن كانَت حالَتَهُ
الراهِنَة تَدعُو إلى التَشاؤمِ إذا بَدَأت الأيامُ مُظلِمَة تَمْسِكُ أمانِه كَما
أرادُوا ظَلمَتُها فِيـه, والحَمدُ للـَّهِ الذي جَعلَني أحـدِي بِقافِلَةٍ تَسِيـر
لا يَهُمُوها الكِلابُ التي مِنْ ورائِها تَنبَـح,,
******************************
فأجابَ الشَيخ قائِلاً مَشكُوراً لِمدِير شَبَكَة نَحو الحريَة الثقافِيَة
والذينَ ساهُموا مِـن رجالِ الدِينِ في أطارحِهِم مَعَنا وَنَسألُ اللهَ
تبارَكَ وتَعالى لِيُبرؤَهُم في أعمالِهِم لأنَهُم أرادُوا رَفع مستَوى
عِلمَنا أنْ يُذاعَ مِنْ قِبَل عُلماءِنا في مَرتَبَةِ الاجتهادِ لِلحَجاري,,
أدخل على هذينِ الرابطِين واطلِع على الحِوار
مِن شَبكَةِ جامِعُ البَيـان في تَفسِيـر القرآن
لِلعَلامَة المُحقق الشيخُ ألحَجاري الرُمَيثي
__________________
]